منذ فترة ليست بالقصيرة، استعرضنا بشكل واضح الكثير من الشواهد والوقائع الدالة على علاقة الارتباط القائمة بين تنظيم القاعدة الإرهابي والعناصر الانفصالية، وكنا في ذلك نستند إلى العديد من الحقائق المؤكدة على أن هناك تماهياً في الأفعال والأهداف والغايات بين تلك الشرذمة الخائنة والعميلة، التي أطلت علينا بقرونها الشيطانية متدثرة بعباءة الانفصال، تمارس أعمال العنف والقتل وقطع الطرق الآمنة، والترويج للنعرات المناطقية والعصبية والشطرية، وإثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد، وبين عناصر ذلك التنظيم الإرهابي التي طالما حاولت أن تجد لها موضع قدم على الأرض اليمنية لتدنيسها بأفعالها الإجرامية، بعد أن سقطت كل مخططاتها في بلوغ ذلك الهدف الدنيء المرة تلو الأخرى، بفعل يقظة أجهزتنا الأمنية، ومواقف كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن، الذين كانوا على الدوام بالمرصاد لعناصر الإرهاب الخبيثة، التي ظلت تتحين اللحظة للانقضاض على أمن واستقرار الوطن والنيل من سلامته ومسيرته التنموية والنهضوية وسكينته العامة.
وكنا على يقين من أنه لابد وأن يأتي اليوم الذي تتعرى فيه أقنعة الزيف والخداع التي ظلت تتستر بها عناصر الخيانة والعمالة الانفصالية، وتتضح حقيقة تلك الوجوه الكالحة، التي جعلت من نفسها غطاء لعناصر تنظيم القاعدة الإرهابية الموغلة في الجرم وسفك الدماء والعنف الممنهج، والحقد الدفين على كل ما يتصل بالمعاني الإنسانية.
ولم يدم الأمر طويلاً فقد أدان أولئك الخونة والعملاء أنفسهم من خلال بيانات الاستنكار والتنديد التي تباكوا فيها بحرقة شديدة على عناصر تنظيم القاعدة، الذين وجهت لهم أجهزتنا الأمنية ضربة استباقية ماحقة في كل من أرحب وأبين وأمانة العاصمة، في الوقت الذي كانت تخطط فيه لارتكاب عدد من الجرائم والأعمال الانتحارية والإرهابية مستهدفة أرواحاً بريئة وعدداً من المنشآت العامة والأجنبية والمدارس وغيرها.
هذه العملية الناجحة، التي دكت أوكار الإرهاب أصابت عناصر العمالة والارتزاق كالخائنَين علي سالم البيض ومحمد علي أحمد، وغيرهما ممن سقطوا في مستنقع الخسة والتآمر على اليمن ووحدته واستقراره بحالة من الهياج والهذيان فاتجهوا إلى إطلاق التصريحات التي يدافعون فيها عن حلفائهم في تنظيم القاعدة على نحو أزال الغشاوة عن أعين بعض البلهاء الذين ظلوا مخدوعين بهم وعلى جهالة بتاريخهم الأسود الملطخ بالدماء والخزي والعار.
وبعد كل ذلك نجد أن المشهد بات واضحاً وضوح الشمس، ولا مجال فيه لأي إدعاء زائف، أو محاولة للي عنق الحقيقة. إذْ أصبح من الجلي أن تلك العناصر الانفصالية ومن لف لفها من المرتزقة والهمج والبلاطجة، ليسوا أكثر من حاضن لعناصر القاعدة الإرهابية التي تستهدف أمن اليمن والمنطقة والعالم، ولم يكن مشروعهم التدميري، الذي سعوا من خلاله إلى إشاعة الاضطرابات والإخلالات الأمنية في بعض مديريات المحافظات الجنوبية، سوى مظلة لتمهيد الطريق أمام عناصر القاعدة للاحتماء في تلك المديريات والتحرك من ساحتها لتنفيذ مخططاتها الإجرامية في كامل الجسد اليمني والمنطقة وخارجها.
وكما أكد مجلس الدفاع الوطني، فإن اليمن سيواصل جهوده الدؤوبة في مكافحة آفة الإرهاب، وملاحقة عناصر تنظيم القاعدة، وبما يحول دون تنفيذ مخططاتها الضارة بالوطن.
واليمن بذلك ينطلق من غاية وطنية بحتة تفرضها مسؤولياته في حماية مصالحه العليا وذلك حق طبيعي.
والسؤال: أي حال كارثي كان سيحيق باليمن لو تمكنت عناصر تنظيم القاعدة من تنفيذ مخططها العنيف الذي أرادت به تعطيل قدرة هذا الوطن، وضرب منظومته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية ومساره التنموي من قبل أولئك الإرهابيين الذين هم على استعداد لتفجير وإحراق مدن كاملة لمجرد إشباع نزواتهم في القتل وسفك الدماء؟.
لقد آن الأوان لكل القوى الحزبية والسياسية أن تتحلى بالمسؤولية الوطنية، وأن تدرك أن التماهي مع الإرهاب لأهداف سياسية أو انتهازية يمثل جريمة لا تغتفر. إذ لا يصح ليمني يتحلى بالقيم الوطنية والحتميات الأخلاقية أن يسقط في هذا المنزلق لأي سبب كان، إذا ما علمنا أن من يتعاطف مع إرهابيين ومجرمين يفتئتون على الله، مع سبق الإصرار والترصد، ويقتلون النفس المحرّمة، إنما يكون بذلك قد فرط بوطنه وعقيدته وهويته وكل ما يعتز به.
ويرتكب خطأ قاتلاً من يتدحرج إلى هذا الموقف البائس والخائب، الذي لا يمكن أن يقدم عليه إلاّ من أعمى الله بصره وبصيرته، فصار عبداً ذليلاً لشهواته وأطماعه، أو أنه غبي لا يرى أبعد من أنفه المزكومة وقدميه المرتعشتين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق